بعد أنفكو: الثلج يحاصـر ويقتـل في ”أغدو”
”في
فصل الشتاء والثلج يتزايد الطلب على الشحم ويتجمد الماء والزيت”، وتتحول
”أغدو” إلى سجن كبير مفتوح على السماء تحت الأرض لكنه مغلق على الأرض، لا
يدخل إليها أحد ولا يخرج، لمدة خمسة أشهر كاملة، من دجنبر حتى أبريل، حيث
يغلق السكان على أنفسهم في بيوتهم الطوبية، ويلتفون حول النار تدفئهم في
الليل والنهار، اتقاء لشر البرد المميت، المنبعث من تحت الثلوج التي تغطي
كل شيء، بما فيها بيوتهم، ويبقى المرضى منهم ينتظرون الموت بصبر غير منظور،
الناس مصابون هنا بأمراض الربو والروماتيزم والتيفويد، وأخرى لا يعرفونها
تقضي عليهم، في هذا السجن المفتوح هناك الوسخ والجوع والفقر، لا أحد يستطيع
أن يغسل جسده أو ثيابه، أما المأكولات فلا تتعدى الشاي وشيء يشبه الخبز
للفقراء، ويتعداها الأغنياء منهم إلى شواء لحم الماعز أو الأغنام مما
يملكون، ويبقون على هذه الحال إلى أن تذوب الثلوج وتظهر الطريق التي سكّوها
بأرجلهم وحوافر بغالهم، إن خرجوا قريبا أو بعيدا فإن لا أحد يأمن على نفسه
الرجوع، تماما كما وقع لـ”زايد أوحدوش” الذي خرج ولم يعد، ثم وجدوه ميتا
بعد 18 يوما وقد غطاه الثلج.
تبعد ”أغدو” عن ”أنفكو” بنحو 10 كلمترات في أعماق جبال الأطلس الكبير،
وكلاهما إضافة إلى خمسة دواوير أخرى تابعة لجماعة ”تونفيت” القروية،
وبازدياد البعد والمسافة تزاداد المعاناة والبؤس والمرض، التي تخفّ في فصل
الصيف، وتزدحم في فصل الثلج، لأن الأمطار لا تسقط هناك، وخلال 15 يوما
الماضية، حيث عرفت المنطقة سقوط الثلج، انقطع الناس عن التسوق إلى ”تونفيت”
أو ”بومية”، وحده ”أوتما وعلي” الذي خاطر بنفسه، يقول لـ”التجديد”، من أجل
الوصول إلى ”تونفيت” لشراء ما يلزم من الأساسيات وحاجيات الشهور المقبلة،
حيث لن يكون بإمكانه العودة مرة أخرى، إلا بعد خمسة أشهر على الأقل، لقد
سار يومين على بغله الأبيض ليصل إلى ”تونفيت” للتسوق، ثم يعود في يومين
أخرى، عبر دواوير يمر عليها هي من تؤويه حتى يصل في مأمن إلى أولاده 28
الذين ينتظرونه على وجل.
حين كانت أنظار العالم مركزة على أطفال أنفكو ورجالها الموتى، كان سكان ”أغدو” خلال الأيام ذاتها يحكون بمرارة عن رجالهم الأربعة الذين هلكوا بمنطقة ”تاوزغيست”، المعروفة بعيونها الكثيرة، كانوا يرعون الغنم وا
المزيدحين كانت أنظار العالم مركزة على أطفال أنفكو ورجالها الموتى، كان سكان ”أغدو” خلال الأيام ذاتها يحكون بمرارة عن رجالهم الأربعة الذين هلكوا بمنطقة ”تاوزغيست”، المعروفة بعيونها الكثيرة، كانوا يرعون الغنم وا
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق